هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فتوى تحريم الفدرالية: عمق في التكفير وعقم في التفكير/ ج1

اذهب الى الأسفل

فتوى تحريم الفدرالية: عمق في التكفير وعقم في التفكير/ ج1 Empty فتوى تحريم الفدرالية: عمق في التكفير وعقم في التفكير/ ج1

مُساهمة من طرف عبد الله الدليمي الثلاثاء 6 سبتمبر - 16:24



بقلم: عبد الله الدليمي


بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد...

قرأت فتوى لأحد المشايخ بعنوان "التقسيم بعنوان الفيدرالية"، هذا مطلعها:

".... أصدرت رأياً "فتوى" .... خلصت فيه إلى تحريم العمل على تقسيم العراق طائفياً أو تحت ذرائع ومسميات مختلفة وأن القائلين به آثمون يستحقون التعزير إن كانت الدعوة لمجرد التقسيم، أما إذا كانت بدفع من عدوٍ بقصد إنهاك البلد والاستيلاء على ثرواته فإن ذلك يعد ردّة يستحق الداعي إليها مايستحقه المرتدون من عقاب شرعاً، وذلك بناء على أنه مخالف للنصوص القطعية مستحلٌّ لما حرمه الله."

فاستوقفتني بعض الأمور التي لم استطع "بلعها". وبما أن المعمم السني يؤخذ منه ويرد ولا يعامل معاملة المعصوم كحال المعمم الشيعي الذي إن قال لأتباعه "إن الفيل يطير" صدقوه، فليسمح لي فضيلته ببعض التساؤلات التي سأذكرها تحت ثلاثة افتراضات:

الإفتراض الأول: الفدرالية لا تعني التقسيم:

السؤال الأول: بما أن الفتوى تصدر تعاطيا مع حدث أو واقع يستوجب رؤية شرعية، فما هو الحدث الذي صدرت هذه الفتوى للتعاطي معه؟

أنا أطرح هذا السؤال كعراقي لم يسمع يوما من دعا الى تقسيم العراق طائفيا، وانما هي مطالبات من بعض الشيعة بتشكيل إقليم لهم (اقليم البصرة / الجنوب)، ومن بعض السنة بتشكيل إقليم سني/ إقليم الأنبار- عملا بنظام الحكم اللامركزي (الفدرالية) الذي أقره الدستور المعمول به حاليا- بغض النظر عن شرعيته وحيثياته.

وقبل طرح السؤال الثاني، لننظر في تعريف الفدرالية لغة واصطلاحا:

الفدرالية لغة:
هي تعريب للكلمة الإنجليزية federation ، وهي من أصل لاتيني يتكون من كلمتين: فيديرا foederis وتعني الثقة، وفويدوس foedus وتعني الإتحاد. وإذا جمعنا بين الكلمتين حصلنا على عبارة "اتحاد الثقة" أو....... "الإتحاد القائم على الثقة".(يمكن مراجعة موسوعة الويكيبيديا: باللغتين العربية والإنجليزية). وكلمة federation لا تستعمل حصرا مع الدول، وانما كذلك مع نقابات أو اتحادات مختلفة الأنواع والمجالات والأحجام، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA الذي هو:
Federation of International Football Association

الفدرالية اصطلاحا: (1)

هي نظام سياسي إداري تكون فيه السلطة النهائية مقسمة بين المركز والأطراف . وبخلاف النظام المركزي، تنقسم السيادة دستوريا بين منطقتين أو أكثر بحيث يستطيع أي من هذه المناطق أن يمارس السلطة على نفسه دون تدخل المركز أو الولايات الأخرى. والفدرالية واقعاً وتطبيقاً ليست نوعاً واحداً. فهناك أنواع كثيرة من الفدراليات في العالم. ومن حيث التكوين فهي نوعان:

• إما أن تنضم عدة دول بعضها إلى بعض مثل أمريكا وأستراليا حديثاً، وكما كانت عليه الدولة الإسلامية في قمة مجدها وعامة عصورها قديماً؛ وذلك حلاً للتنوع والاختلاف الثقافي والعرقي واللغوي بين مكوناتها الوطنية.
• أو العكس، بأن تتحول دولة مركزية إلى فدراليات متعددة مثل الهند وكندا وإسبانيا. وهذا النوع تلجأ إليه الدول منعاً للتجزئة والتقسيم حين تكون الدولة ذات مكونات تختلف في لغتها وهويتها الثقافية، وتحصل بين هذه المكونات المختلفة توترات مستمرة. كما فعلت الهند بعد انفصال باكستان وبنغلادش فحافظت على وحدتها بعد ابتداء تفتتها.
إذن، فالفدرالية تقاسم سياسي وإداري لا جغرافي. وهي تقاسم إداري لا تقسيم جغرافي، وتقاسم سلطة وثروة .. لا تقسيم دولة، إنها باختصار........ تنظيم .. لا تقسيم.

إذن، فالشيخ – حفظه الله - بنى فتواه على افتراض أن الفدرالية تعني التقسيم، وهذا تعسف وتحريف لمفردات اللغة (بل اللغات) والقانون والسياسية، وتكذيب للواقع تاريخيا وجغرافيا. وإن كان متحسسا من لفظة "فدرالية"، فله أن ينساها ويستعمل بدلا منها: "الحكم اللامركزي".. او "اللامركزية السياسية"، فالعبرة بالمسمى وليست بالإسم. وإن كان سبب استهجانه لها أنها لفظة غربية، فلنرجع جميعا إلى القرون الوسطى إذن لأن معظم التقنيات التي نستخدمها اليوم هي غربية المنشأ والتسمية.
السؤال الثاني: بما إن الشيخ قد اعتبر الفدرالية تقسيما وحكم على متبنيها - قولا أو فعلا - بالإثم الموجب للتعزير، فهل سيتراجع عن فتواه هذه إن تبين له أن الفدرالية خلاف ما يظن، وأنها أقرب إلى الإتحاد منها للتقسيم – بل هي الإتحاد عينه معنىً وتطبيقاً - كما في التعريفين أعلاه؟ والتراجع عن الخطأ فضيلة وليست منقصة، وهو من خلق العلماء الربانيين. أما المكابرة والتشبث بالرأي وإن كان مغلوطاً فهو مثلبة لأي باحث يحترم أصول البحث والأمانة العلمية، مسلماً كان أم غير مسلم.
السؤال الثالث: ما رأي الشيخ في مفتٍ حكم بالجَلد على رجل شرب ماءً - ظنا منه (أي المفتي) أنه خمر؟
ومهما كان حكمه على هذا المفتي، فإنه سينطبق عليه نفسه، لأن توهمه الفدرالية تقسيما كتوهم ذلك المفتي الماء خمرا.


السؤال الرابع: قال الشيخ في فتواه:

"... ولقد سئلت مجدداً عن التقسيم تحت مظلة الفيدرالية أو غيرها الذي يتبناه ويروّج له الآن بعضهم بدوافع مختلفة، لتقسيم العراق إلى أقاليم كإقليم الأنبار وإقليم نينوى أو غير ذلك..."

فهل عبارة "التقسيم تحت مظلة الفيدرالية" من تعبير المستفتي (بناءً على فهمه) أم المفتي؟ فإن كانت من تعبير المستفتي أو فهمه، وقد تبين خطأه آنفا، فعلى المفتي أن يصححه له أو على الأقل يتحرى من صحته قبل أن يصدر فتواه، لا أن يفصل فتواه على مقاس سؤال مغلوط. وهذه مثلبة يجب أن يتنزه المفتون عنها. أما إن كانت العبارة للمفتي فالمثلبة أكبر، لأنه يجب على المفتين أن يكونوا ملمين بالمسائل التي يفتون فيها تلافيا للشطط.

الإفتراض الثاني: من المحتمل أن تؤدي الفدرالية الى التقسيم:

حسب هذا الإفتراض، قد تؤول الفدرالية الى التقسيم بأية طريقة من الطرق ولأي سبب من الأسباب، كسوء استخدامها دون ضوابط أو حرف مسارها لتوصل البلد الى مرحلة التقسيم. أي أن التقسيم أمر ظني هنا وليس قطعيا. وهنا يأتي...
السؤال الخامس: هل الفدرالية محرمة لذاتها أم لغيرها (بحكم ما قد تؤول إليه)؟ فإن كان التحريم لذاتها، فهل سيكون هذا الحكم صحيحا بناءً على ما سبق من تعريف لها لغة واصطلاحا؟ وإن كان التحريم لما قد تؤول إليه (التقسيم)، أليس من الدقة العلمية تفصيل الحكم بحيث يبين أن الفدرالية إن كان القصد منها التقسيم أو أنها مظنة أيصال الى مرحلة التقسيم فهي محرمة (حسب هذا الإفتراض)، وإن كانت لمصلحة مرسلة فهي مباحة على الأقل؟ فالعنب مثلا فاكهة مفيدة ولذيذة وهو مباح، وقد يتم تحويله الى عصير أو خمر، فهل يصح أن نجزم أن مصيره خمر حصرا وليس عصيرا؟

السؤال السادس: ألم يكن الأجدر بالشيخ النظر في الواقع المعاش لينظر إن كان هناك مثال لدولة منتظمة في فدرالية آل مصيرها إلى التقسيم ليستخدمه لتعضيد رأيه وتعزيزه؟ ولو بحث الشيخ عن هذا المثال فلن يجد أقرب من دولة الإمارات العربية المتحدة (وهي الدولة الملاصقة لبلد إقامته)، التي هي مثال ناطق، لكنه للأسف يشهد بخلاف ما ذهب إليه الشيخ في فتواه تماما. (وكون الإمارات منتظمة في إتحاد بعد أن كانت إمارات متفرقة لا يمثل صورة معاكسة لبلد موحد يتحول الى الفدرالية كما يظن البعض، وكما أشرت الى تعريفها آنفا، فالنتيجة المرجوة واحدة في كلا الحالتين). فهل للشيخ المفتي أن يخبرنا عن أية حالة انقسام أو ضعف لا نعرفها عن هذا البلد الرائع؟

الإفتراض الثالث وما يتضمنه من تساؤلات... في الجزء الثاني ان شاء الله

---------------------------------------------------------
(1) من مطوية يمكن تحميلها من موقع القادسية

عبد الله الدليمي
عضو جديد

ذكر عدد الرسائل : 4
تاريخ التسجيل : 05/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتوى تحريم الفدرالية: عمق في التكفير وعقم في التفكير/ ج1 Empty رد: فتوى تحريم الفدرالية: عمق في التكفير وعقم في التفكير/ ج1

مُساهمة من طرف عبد الله الدليمي الثلاثاء 6 سبتمبر - 16:34

للرفع ليكون أعلى الجزء الثاني

عبد الله الدليمي
عضو جديد

ذكر عدد الرسائل : 4
تاريخ التسجيل : 05/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى